-->

الاحتجاجات تستمر في مدينة جرادة المغربية مخلفة عشرات الإصابات


الرباط - تشهد مدينة جرادة المغربية منحى تصعيديا للاحتجاجات التي تعرف ب"الرغيف الأسود"، إثر مواجهات اندلعت بين متظاهرين والقوات العمومية المغربية أمس الخميس، مخلفة عشرات الإصابات مما زاد من تعقيد الأوضاع في المنطقة التي تعاني اقتصاديا بعد توقف مناجم الفحم التي كانت مصدر الرزق الأساسي للسكان.
وتزايدت شدة التوتر بعد إصابة العشرات في مواجهات بين متظاهرين وقوات عمومية، في أعقاب احتجاجات بدأت شهر ديسمبر 2017، عندما خرج العديد من سكان المدينة، للاحتجاج طلباً لتحسين فرص العيش الكريم، بعد مصرع شقيقين داخل بئر لاستخراج الفحم، ثم مصرع شخص ثالث في وقت لاحق.
وقالت السلطات المحلية لمدينة جرادة، أمس، إن عدداً من المتظاهرين أحرقوا خمس سيارات تابعة للقوات العمومية وألحقوا أضراراً جسيمة بعربات أخرى، كما أشارت إلى وقوع إصابات بين صفوف القوات العمومية، بعضها بليغة، لافتة إلى أنها بدأت تدخلا أمنيا لفض احتجاج غير مرخص له بالمدينة، إثر قيام بعض العناصر الملثمة بمهاجمة القوات الأمنية بالحجارة. وقد انتهى التدخل باعتقال تسعة أشخاص.
وتضاربت أرقام الإصابات التي نقلتها وسائل الإعلام المغربية، لكن مسؤولا محليا صرّح لمصادر اعلامية أن الرقم تجاوز 180 إصابة، غالبيتها بين القوات العمومية، فيما قال مصطفى الخلفي ،الناطق باسم الحكومة المغربية، أن الإصابات البليغة وصلت إلى عشرة. ولا تزال الاعتصامات مستمرة إلى حدود مساء امس.
وافاد شهود عيان، كما اوردته مصادر اخبارية محلية، ان المتظاهرين دخلوا في مواجهات دامية مع قوات القمع المغربية ، التي استعملت فيها "القوة القاهرة" ضد متظاهرين عزل وملاحقتهم بعد هروبهم إلى الجبال والشعاب المجاورة للمدينة .
واضاف شهود العيان حسب ذات المصدر، ان العشرات من شباب المدينة، اقدموا على "الانتحار الجماعي برمي انفسهم في الابار امام أعين اهاليهم"، وهذا ما زاد من تصعيد الوضع إلى الاسوأ
وبدأ الاحتقان الاربعاء الماضي ،عندما خرج المتظاهرون للاعتصام في الغابة المجاورة للمدينة من أجل المطالبة ببديل اقتصادي في المنطقة، حسب ما نقله ناشط حقوقي لوكالة انباء "رويترز"، لكنهم فوجئوا، وفق قوله، بحوالي 500 من عناصر الدرك، قاموا بمحاصرتهم ودهس شاب وإصابة امرأة بشكل بليغ.
وكانت الاحتجاجات في جرادة، قد اتخذت أشكالا عديدة بدءًا من الاعتصام، مروراً بالمسيرات، كمسيرة قطع فيها المشاركون مسافة 50 كيلومترا خارج المدينة، وانتهاءً بشّن إضرابات عامة. وقد زاد من حجم الاحتجاج، اعتقال الأمن لثلاثة شباب من قادة الاحتجاجات قبل أيام، لمبرّرات تتعلّق بنشاطهم في حراك المدينة، حسب ما اورده النشطاء، بينما أرجعت السلطات أسباب الاعتقال إلى مخالفات لا علاقة لها بالاحتجاج.
وتشهد المدينة شبه انعدام للمشاريع الاقتصادية، خاصة بعد نضوب مناجم الفحم، التي كانت تشكّل المصدر الاقتصادي الرئيسي في المنطقة. وقد أدت ندرة فرص العمل في المنطقة إلى توجه عدد من السكان إلى آبار الفحم التي لا تتوافر فيها شروط السلامة، لأجل الحصول على مورد رزق، ممّا فاقم من الوفيات في هذه الآبار.
وبعد بلاغها الأول هذا الأسبوع، الذي أعلنت من خلاله ان السلطات ستتعامل "بكل حزم" مع المتظاهرين، عادت وزارة الداخلية المغربية ببلاغ جديد قالت فيه إنها "أعلمت السلطات القضائية المختصة بفتح تحقيق" حول ما جاء في صور مصابين في اعمال عنف مارستها القوات العمومية في جرادة . وانتشرت عدة صور ومقاطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر مواجهات بين القوات العمومية والمتظاهرين في جرادة منها صورة طفل تعرّض لجرح في الرأس، وكذا صورة لسيدة مصابة.
من جهته ،قال فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في جرادة، إن الاحتجاجات اندلعت أساسا بسبب غلاء فواتير الكهرباء والماء، وتأججت بعد وفاة عمال الفحم الثلاثة، حسب ما اوردته مصادر اخبارية محلية .
وتابع الفرع في بيان جديد له أن المحتجين كانوا سلميين طوال الفترة الماضية لأجل التأكيد على كون مطالبهم 'اجتماعية صرفة'، غير أن الأجوبة التي تلقوها من المسؤولين لم تقنعهم.
وقال المسؤول المحلي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لوكالة الصحافة الفرنسية إن المتظاهرين تجمعوا بشكل سلمي مطالبين بالعمل والتنمية وخيارات بديلة عن المناجم غير القانونية لاستخراج الفحم.
وتوجه وفد حكومي إلى مدينة جرادة بداية يناير الجاري لاحتواء التوتر، لكن مسؤول حقوقي قال إن الوفد لم يقنع المحتجين الذين يطالبون بمشاريع ملموسة للتنمية.
وشكل السكان لجان أحياء وأعدوا قائمة بمطالبهم، وقال مسؤول عن لجان الاحياء بالمدينة، جمال آيت أبو، الذي يتابع الملف إن "السلطات تعهدت بالرد على بعض مطالبنا ولكن ليس على تلك الأكثر أهمية".
للاشارة تعتبر مدينة جرادة (شمال شرق المغرب)، من أفقر مدن المملكة لإفتقارها لأبسط ضروريات الحياة بحسب أرقام رسمية اوردتها مصادر اخبارية محلية.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *